قد يأتي الموت بطيئاً وقد يأتي في لحظة بهيئة زلزال تهتز مشاعرنا بسببه كما اهتزت الأرض، لأستيقظ ذات صباح على أصداء أصوات المحاصرين تحت الركام وأجواء عاصفة شتوية ونهاية حتمية لآلاف البشر في لحظات.
وكعادة هذه الحياة التي تنسحب منك في لحظات بمرض أو حادثة أو كارثة، لم يكن زلزال تركيا وسوريا مفاجئاً بل قريباً جغرافياً وبالتالي عاطفياً، فاستأثر ذلك النهار بأخبار القتلى والناجين ومشاعر المتعاطفين.
بعد أن خفت صدى الموت قليلاً، بدأ صوت الحياة يعلو بحثاً عن ناجين، قد يخرجون من تحت الركام إلى النور، أو إلى موت آخر غير معلن هذه المرة، لكنه أقسى وأمرّ أحياناً، قد يكون بطعم الفقدان أو الخسارة، أو على شكل عجز مزمن جراء الإصابة، أو في عودة غير متوقعة إلى حياة أكثر بؤساً من الموت ذاته.
في الحقيقة، الموت في كل مكان والحياة أيضاً، كلاهما جاثومان يقضان مضاجعنا، ويستثيران قلقاً وتوتراً أينما حللنا، لم يعد المكان أو الزمان آمنين، أصبحنا مهددين بالخسارة والحزن دائماً، بالمرض، بالحرب، بالجريمة، بالشر وبالموت، وإن كنت محظوظاً فبحياة لا ترقى إلى مسماها، محكومة بالفقر، بالوحدة، بالشقاء، بالغضب أو بالخوف أو بعضاً من هذا وذاك.
زلزال الموت قد يلغي وجودك بلحظة، لكن زلزال الحياة قد يفعل الأمر ذاته ببطء، ببطء شديد يجعلك تجد في الأول رحمةً وفي الثاني عذاباً.
الحياة والموت مرتبطان بمجموعة كبيرة من الاحتمالات والمتغيرات والخيارات، نتحكم ببعضها وتتحكم الأخرى بنا، وبينهما لحظات وتفاصيل قد تجعل الحياة قابلة للعيش، وربما زلزال يخطف أرواحاً ويمنح أخرى إذناً لاستئناف الحياة.. لكن، أي حياة؟!
التعليقات: 3 On سوريا وتركيا.. زلزال الموت
Beautiful words that describes the depth of the state
Thank u Sarah
thanks, interesting read