كان هناك وقت لو قالوا فيه إن بطولة كأس العالم لكرة القدم ستقام في قطر، لما صدقت، ولو ألمحوا إلى أن النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو سيلعب في نادي النصر السعودي، لقلت إنهم مجانين! لكن
عالمنا اليوم مليء بالجنون ويزداد جنوناً مع الوقت.
كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية في العالم، ومنذ تنظيم أول نسخة من بطولة كأس العالم عام 1930 في الأوروغواي، تطورت اللعبة على مدار قرن من الزمن تقريباً، لتصبح شغفاً حقيقياً للمليارات من البشر وصناعة وتجارة مربحتين أيضاً.
في البقعة العربية من العالم، كانت حدود الحلم لأي منتخب التأهل والمشاركة في البطولة الثمينة التي تستأثر أوروبا بأضوائها وأمريكا اللاتينة بشغفها، لتأتي قطر وتحضر كأس العالم إليها رغم الجدل المحيط باستضافتها للبطولة الأبرز لكرة القدم، لكن، بعيداً عن الحرب الإعلامية التي شنتها دول أوروبية على الدولة الخليجية، فرض عشاق اللعبة واقعاً أحبط محاولات البعض تشويه البطولة بنزاعات عالمنا المضطرب، فهيمنت الرياضة على الأجواء لتمنح الجماهير بطولة مثيرة وممتعة، انتهت بفوز المنتخب الأرجنتيني بالكأس ونجمته الثالثة بعد 36 عاماً من الانتظار.
اليوم وبعد انتهاء النسخة الثانية والعشرين من البطولة العالمية، قد يصبح الحلم العربي أكثر جرأة، وذلك عقب استضافة قطر لبطولة ناجحة رياضياً على أقل تقدير، وتحقيق المنتخب المغربي إنجاز تاريخي غير مسبوق لمنتخب عربي في “المونديال” وحصوله على المركز الرابع في المسابقة التي شهدت مشاركة 32 منتخباً.
وفي حين أن لأصحاب الأموال من العرب حصصاً في عدة أندية أوروبية بارزة في عالم كرة القدم، إلا أن إثارة قدوم بطولة بهذا الحجم إلى المنطقة أكبر بكثير، وتعني دخول غمار هذه الرياضة من أبوابها الواسعة بدلاً من البقاء على هامشها.
طموح العرب في الساحرة المستديرة لم يتوقف في قطر، فبالرغم من قيام نوادٍ خليجية بشراء لاعبين محترفين من مختلف أصقاع العالم، وبروز لاعبين عرب في نوادٍ أوروبية، إلا أن استقطاب نادي النصر للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو أشبع نهم الجماهير العربية لمزيد من الإنجازات من خلال صفقة بهذا الحجم، خاصة في ظل تسيّد ثنائية “رونالدو – ميسي” لعالم كرة القدم في السنوات الأخيرة.
وكما كان الحال في قطر، فإن لعب رونالدو في صفوف نادي النصر يعني جذب أنظار جماهير اللعبة إلى السعودية التي تملك الإمكانيات وقد تطمح هي الأخرى لاستضافة إحدى نسخ كأس العالم المقبلة.
عالم مجنون بالفعل! فقبل ثلاثين عاماً لم أتخيل للحظة أن تقام أبرز بطولة لكرة القدم على أرض عربية، ولا أعتقد أن أحداً تجرأ على ذلك، أما اليوم فتبدو الأحلام أقرب إلى التحقيق وليست محض خيال، ومن يدري قد يجلب عالمنا الكئيب في معظم الأحيان مفاجآت سارّة بين الحين والآخر!